1 كَـفَى بِـكَ داءً أن تَـرى المَـوتَ شافِيَا
وحَسْــبُ المَنايــا أنْ يَكــنَّ أمانِيـا
2 تَمنَّيتَهــا لَمُّــا تَمنَّيــتَ أنْ تَــرَى
صَدِيقًــا فأعيــا أو عَــدُوّا مُداجِيـا
3 إِذا كُــنتَ تَــرضَى أن تَعيشَ بِذلَّـة
فَــلا تَســتَعِدَّنَّ الحُســامَ اليَمانِيــا
4 وَلا تَســـتَطِيَلنَّ الرِمـــاحَ لِغــارةٍ
وَلا تَســـتَجِيدنَّ العِتــاقَ المَذاكيــا
5 فَمـا يَنفَـعُ الأُسْـدَ الحَيـاءُمنَ الطَـوى
وَلا تُتقَــى حَــتَّى تَكُـونَ ضَوارِيـا
6 حَـبَبْتكَ قَلبـي قَبـلَ حُـبِّكَ مَـن نَـأى
وقـد كـانَ غَـدَّاراً فكُـنْ أَنـتَ وافِيـا
7 وأعلَــمُ أنَّ البَيــنَ يُشــكِيكَ بَعـدَهُ
فلَسْــتَ فُــؤادِي إنْ رَأيتُـكَ شـاكِيا
8 فــإنَّ دُمُــوعَ العَيـنِ غُـدْرٌ بِرَبِّهـا
إِذا كُــنَّ إثْــرَ الغــادِرينَ جَواِريـا
9 إِذا الجُـودُ لـم يُرزَقْ خَلاصًا منَ الأذَى
فَـلا الحَـمدُ مَكسُـوباً وَلا المـالُ باقِيـا
10 وللنَّفْسِ أخــلاقٌ تَــدُلَّ عـلى الفَتَـى
أكــانَ سَـخاءً مـا أتـى أم تَسـاخِيا
11 أقــلّ اشــتِياقاً أيُّهـا القَلـبُ رُبَّمـا
رَأيتُـكَ تُصفِـي الـوُدَّ مَـن لَيسَ صافِيا
12 خُـلِقتُ أَلُوفـاً لَـو رَجـعتُ إلى الصِّبَى
لَفـارَقتُ شَـيبي مُوجَـعَ القلـبِ باكِيـا
13 ولكِــنَّ بِالفُســطاطِ بَحــراً أزَرْتُـهُ
حَيـاتي ونُصحِـي والهَـوَى والقَوافِيـا
14 وجُــرداٌ مَددْنــا بَيـنَ آذانِهـا القَنـا
فَبِتْــنَ خِفاقــاً يَتَّبِعــنَ العَوالِيــا
15 تَماشَــى بـأيدٍ كُلَّمـا وافـتِ الصَفـا
نَقَشْــنَ بــهِ صَـدرَ الـبُزاةِ حَوافيـا
16 وتَنظُـرُ مِـن سُـودٍ صَوادِقَ في الدُجَى
يَـرَين بِعيـداتِ الشُـخُوصِ كَمَـا هيـا
17 وتَنصِــبُ للجَـرْسِ الخَـفِيِّ سَـوامِعاً
يخَــلْنَ مُناجــاةَ الضَمــير تناديـا
18 تُجــاذِبُ فُرســاّنَ الصَبــاح أعنَّـةً
كــأنَّ عـلى الأعنـاقِ مِنهـا أفاعِيـا
19 بِعَـزمٍ يَسـيرُ الجِسْـمُ في السَرْجِ راكِباً
بِـهِ ويَسـيرُ القَلـبُ فـي الجِسْـمِ ماشِيا
20 قَواصِــدَ كــافُورٍ تَــوارِكَ غَـيرِهِ
ومَـن قَصَـدَ البَحْـرَ اسـتَقَلَّ السَـواقِيا
21 فجــاءَتْ بِنـا إِنسـانَ عَيـنِ زَمانِـهِ
وخَــلَّتْ بَياضــاً خلْفَهــا ومَآقِيــا
22 نَجُـوزُ عَلَيهـا المُحسِـنين إلـى الَّـذي
نَــرَى عِنــدَهُمْ إحســانَهُ والأيادِيـا
23 فَتـىً مـا سَـرَينا فـي ظُهُـور جُدُودِنا
إلــى عَصــرهِ إلا نُرَجّـي التَلاقِيـا
24 تــرَفَّعَ عــن عُـونِ المَكـارِم قَـدْرُهُ
فمــا يَفعَــلُ الفَعْــلاتِ إلاّ عَذارِيـا
25 يُبِيــدُ عَــداواتِ البُغــاةِ بِلُطفِــهِ
فــإنْ لـم تَبِـدْ مِنهُـمْ أبـادَ الأعادِيـا
26 أبـا المِسـكِ ذا الوَجـهُ الَّذي كُنتُ تائِقًا
إليـهِ وذا اليَـومُ الَّـذي كُـنْتُ راجِيـا
27 لَقِيــتُ المَـروْرَى والشَـناخِيبَ دُوَنُـه
وجُـبتُ هَجِـيراً يـترُكُ المـاءَ صادِيا
28 أَبـا كُـلِّ طِيـبٍ لا أبـا المِسـكِ وَحدَهُ
وكُــلَّ سَــحابٍ لا أخُـصُّ الغَوادِيـا
29 يُــدِلُّ بِمَعنًــى واحِــدٍ كُـلُّ فـاخِرٍ
وَقــد جَـمَعَ الرحـمنُ فِيـكَ المعَانِيـا
30 إِذا كَسَــبَ النـاسُ المعَـاليَ بِـالنَدَى
فــإنَّكَ تُعطِــي فـي نَـداكَ المعَالِيـا
31 وغَــيرُ كَثــيرٍ أنْ يَـزُورَكَ راجِـلٌ
فيَرجِــعَ مَلْكــاً لِلعِــراقَينِ والِيــا
32 فَقـد تًهَـبُ الجـيَشَ الَّـذي جاء غازِيًا
لِســائِلِكَ الفَـرْدِ الَّـذي جـاءَ عافِيـا
33 وتَحــتَقِرُ الدُنيــا احتِقــارَ مُجـرِّبٍ
يَـرَى كُـلَّ مـا فيهـا وَحاشـاكَ فانِيـا
34 ومـا كُـنتَ مِمّـن أدرَكَ الملُـكَ بِالمُنَى
ولكِــنْ بِأيــامٍ أَشَــبْن النَواصِيــا
35 عِــداكَ تَراهـا فـي البـلادِ مَسـاعِياً
وأَنــتَ تَراهـا فـي السَـماء مَراقِيـا
36 لَبســتَ لَهــا كـدرَ العَجـاج كأنَّمـا
تَـرَى غـيرَ صاف أَنْ تَرَى الجَوَّ صافِيا
37 وَقُــدتَ إِلَيهــا كُـلُّ أجـرَدَ سـابِحٍ
يُــؤًدّيكَ غَضبانــاً ويَثْنِيـكً راضِيـا
38 ومُخْــتَرَطٍ مــاضٍ يطِيعُــكَ آمِـرًا
ويَعصِـي إِذا اسـتَثْنَيتَ أو صِرتَ ناهيا
39 وأســمَرَ ذِي عِشـرينَ تَرضـاهُ وارِدًا
ويَرضـاكَ فـي إيـرادِهِ الخَـيلَ سـاقِيا
40 كَتـائِبَ مـا انفَكـتْ تَجُـوسُ عَمـائِرًا
مـنَ الأَرضِ قـد جاسَـتْ إلَيهـا فَيافِيا
41 غَــزَوتَ بِهَـا دُورَ المُلـوكِ فَباشَـرَتْ
سَـــنابِكُها هامـــاتِهِمْ والمَغانِيــا
42 وأنــتَ الَّــذي تَغشَـى الأسِـنَّةَ أوَّلاً
وتــأْنَفُ أنْ تَغشَــى الأسِـنَّةَ ثانِيـا
43 إذا الهِنـدُ سَـوَّتْ بيـنَ سَـيْفيَ كَرِيهـةٍ
فسَــيفُكَ فـي كَـفٍّ تُـزيلُ التَسـاوِيا
44 ومــن قــولِ سـامٍ لَـو رَآكَ لِنَسْـلِهِ
فِـدَى ابـنِ أخـي نَسْـلي ونَفْسِي وماليا
45 مَــدىً بَلَّــغَ الأُسـتاذَ أقصـاهُ رَبُّـهُ
ونَفسٌ لَــهُ لــم تَـرضَ إلا التَناهيـا
46 دَعَتــهُ فَلّباهـا إلـى المَجـدِ والعُـلى
وقـد خـالَفَ النـاسُ النُفـوسَ الدَواعيا
47 فــأصبَحَ فَــوقَ العــالِمينَ يَرَونَـهُ
وإنْ كــانَ يُدنِيــه التَكــرُّمُ نائِيــا