تعد البواسير من الحالات المرضية الجراحية التي يعاني منها الكثير من المواطنين نساءً ورجالاً، ومن الملاحظ أن المريض لايراجع طبيبه إلاّ بعد تفاقم الحالة أو بعد حصول نوبات متكررة من ظهور الدم من المخرج أو بعد أن يبدأ المريض بالمعاناة من الألم في المنطقة الشرجية .
وسنسلّط الأضواء بشكل مبسط عن البواسير فنقول أن البواسير هي أنتفاخات تحصل في شبكة الأوعية الدموية الوريدية لمنطقة الشرج ، وغالباً ما تعاني هذه البواسير من التورمات والألتهابات والتجلطات وظهور الدم .
إن الآلية العامة لحصولها تنحصر في أن أي عرقلة لمسار الدم من هذه الأوردة ستؤدي الى تضخمها وبالتالي الى ظهورها على شكل الأنتفاخات ، هذه الأنتفاخات نسميها ( البواسير ) . أن أسباب عرقلة مسار الدم في هذه الأوعية عديدة منها الضغط الحاصل عليها في منطقة الحوض ومثال ذلك الحمل أو السمنة المفرطة أو بعض الحالات المرضية التي يعاني منها المريض في منطقة البطن السفلى أو في الحوض ، وكذلك من الأسباب المعروفة للبواسير هي حالة الأمساك المزمن ، يضاف الى ذلك الألتهابات المزمنة الموضعية وبعض التقرحات أو الجروح بالمنطقة .
ويوجد نوعان من البواسير ، بواسير داخلية وبواسير خارجية . إن البواسير حينما تكون ساكنة بلا أعراض فتعد طبيعية وغير مرضية .
أن أعراض البواسير بشكل عام هي ظهور الدم ، البروزات و الألم . ولابد من أن نذكر أن ليس كل ظهور دم من المخرج يعني أن المريض يعاني من البواسير فهناك حالات عديدة تسبب ظهور الدم من المخرج وهذا من واجبات الطبيب الجراح الذي يشخص الحالة بالفحص السريري ، وعلى العموم فأن المألوف في ظهور الدم بسبب البواسير هو ذلك الدم الذي يراه المريض بعد أخراج البطن ( أي قضاء الحاجة ) ، أن ظهور الدم جراء البواسير نادراً ما يسبب النزوفات الحادة وكذلك نادراً ما يؤدي الى الأنيميا ـ فقر الدم ـ.
أن البواسير الداخلية والخارجية كلاهما ربما يبرزان الى الخارج وربما أيضاً يعودان الى وضعهما بالتدريج أو أن المريض يرجعهما بيده الى داخل المخرج .
والبواسير ربما تتعرض الى التقرح أو التجلط وفي هذه الحالات فقط تصبح مؤلمة . أن هذه الآلام تتراوح بين البسيطة المحتملة الى المبرحة غير المحتملة .
وهناك بعض الأعراض الخاصة بالبواسير الداخلية مثل ظهور أفرازات مخرجية ، وكذلك أحساس المريض بعدم أكتمال الأخراج ويبقى يشعر بحاجته الذهاب الى المرافق الصحية ، أما في حالة البواسير الخارجية فالمريض يعاني من الصعوبة بتنظيف المنطقة الشرجية .
ولابد من الأشارة الى أن الحرقة في منطقة الشرج هي أحدى أعراض البواسير ولكن الحكة الشرجية ليست من أعراض البواسير .
أن تشخيص البواسير يتم بالفحص السريري وربما أحياناً يحتاج الطبيب الى الفحص بواسطة الناظور .
أما علاجها فيتم أستناداً الى الحالة نفسها وذلك بالأعتماد على الوضع الذي يحضر به المريض الى طبيبه ، فكثير من الأخوة المرضى يراجعون الطبيب بعد فترة طويلة من بداية الحالة المرضية ، وهذا ليس صحيحاً فنحن ننصح بضرورة مراجعة الطبيب الجراح المختص حال شعور المريض بالأعراض .
والعلاج يتلخص بأزالة أسباب ظهور البواسير ، مثلاً معالجة الأمساك ، وكذلك معالجة الحالات الألتهابية التي تتعرض لها المنطقة الشرجية ، ويميل الأطباء الى أستخدام العلاج الدوائي قبل اللجوء الى العلاج الجراحي فربما يحتاج الطبيب الى وصف بعض المراهم المخدّرة لتخفيف آلام مريضه .
أن الأهتمام بمعالجة الأمساك يعد أحد أهم الخطوات التي يتبعها الأطباء حيث ينصحون بالتغذية الجيدة وأهم مصادر الغذاء التي تساعد في معالجة الأمساك هي الألياف ، والألياف موجودة في قشور الحنطة ( النخالة ) وكذلك في الفاكهة والخيار والخس وغيرها من المواد الغذائية ، كما ويوصي الأطباء بتناول كميات وافرة من الماء وكذلك بمزاولة الرياضة كنصائح مهمة في معالجة الأمساك . ويضطر الطبيب المعالج الى أستخدام الملينات في بعض الحالات.
أن معالجة الألتهابات الطارئة التي تحدث تعد من أولويات خطوات العلاج ، ولابد من أن نذكر أن الألتهابات غالباً ما تحصل للمنطقة الشرجية والتي تعاني من البواسير وذلك بسبب طبيعة المنطقة .
أما التداخل الجراحي فيعمد له الأطباء بعد أن يستنفذوا وسائل العلاج الدوائي .
أن غالبية المرضى يتهيبون من أجراء العملية وذلك لوجود قناعات خاطئة لديهم ، ومن هذه القناعات أن العملية مؤلمة ، أو أن البواسير ستعاود الظهور ..الخ
أن العمليات الجراحية الحديثة المتبعة في معالجة البواسير في الوقت الحاضر تختلف عن تلك التي كانت تُجرى في السابق ، ولم تعد التكنولوجيا أو طرائق التعامل مع حالة البواسير بنفس النمط القديم وأنما حصل تطور كبير ورائع بل ومذهل في بعض الأحيان في كيفية معالجة المريض من هذه التورمات المزعجة والمؤلمة .
وعليه فلم يعد المريض يعاني من آلام ما بعد العملية كما في السابق وكذلك فأن نسبة عودة هذه التورمات أصبحت في تناقص واضح .