تنقل (ل) تجربتها في التحكّم بمشاعرها الهائجة والثائرة في حالات الغضب والانفعال الشديد ، فتقول :
إنّ كظم الغيظ ليس بالعملية السهلة ، لكنّه أمر ممكن لمن أراد أن يسيطر على انفعالاته ، وقد قرّرت ذلك وجرّبت ونجحت ، فكيف كان ذلك ؟
في البداية رحت أراقب الغاضبين الثائرين ، فرأيت أنّ حركاتهم وتصرّفاتهم إبّان الانفعال الهائج مضحكة ومؤسفة في آن واحد ، بل وتثير الشفقة ، فقلت في نفسي : هل هكذا أبدو في حال غضبي وانفعالي ؟ فقرفت واشمأزّت نفسي .
وبالتجربة أيضاً ، تأكّد لي أنّ الردّ السريع المتعجّل تعقبه الندامة ، فكنت أفضّل أن أترك فاصلة زمنيّة مناسبة حتى يهدأ روعي وتذهب ردود الفعل الأولى التي غالباً ما تكون متشنجة ، حتى إذا تحدّثت مع مَنْ أثارني تحدّثتُ بهدوء ورويّة وتأثير أكبر عليه .
وجرّبت أيضاً في المواقف المثيرة للأعصاب أن أنسحِب من ساحة المعركة لئلاّ تزداد الخسائر ويحدث ما لا تحمد عقباه ، كأن أدخل إلى غرفة أخرى ، أو أخرج من البيت لحين عودة الهدوء إلى الساحة .
فبالتجربة ثبت لي أنّ السكوت وعدم الردّ أحياناً يهدِّئ الموقف ولا يصعّده ، لأنّ كلمة نابية منك وكلمة نابية من الآخر تحدث شرارة لمعركة ، أمّا إذا أطلقها هو وتجنّبت الردّ بالمثل تكون قد حددت نهاية المعركة .
وجرّبت أحياناً أن أنفّس عن غضبي وانفعالي بكلمات باردة تطفئ لهيب المواقف الساخنة مثل : «سامحك الله» ، «غفر الله لك» ولم ألجأ إلى كلمات تزيد النار حطباً مثل : أنا قادرة على الردّ ولكنني أفضل الصمت ، أو أنا قادرة على أن أردّ الصاع صاعين لكنني أترفّع عن ذلك .. أو لا أريد أن أكون حمقاء مثلك .
كما جهدت على أن أطبّق ما ورد من نصائح عملية في بعض الأحاديث الشريفة من أن أجلس إذا كنت واقفة ، لأنّ الوقوف أثناء المشاجرة يزيد في حدّة التوتر والانفعال ، أو أنني أستلقي على فراشي لفترة محدودة لأقوم بعملية تسريب للشحنات التي تعتري أعصابي .
وفي النتيجة ، حصلت من تجاربي مع الإمساك بزمام النفس عند الغضب على إنّني كنت أبدو في كل موقف أملك فيه السيطرة على انفعالاتي ، كبيرةً في نفسي ، وإنّني أحسن ممّن أراد إغضابي وأكرم منه ، وإنّني كسبت مودّة بعض الناس بدلاً من كسب عداواتهم .