بسم الله الرحمن الرحيم
منذ فجر التاريخ ، عرف الإنسان الألبان المختمرة ، وتوارثت الأجيال صناعتها لما عرفته من فوائدها الصحية والغذائية ، إلا أن العلم لم يتوصل لإيجاد تفسير لفائدة الألبان المختمرة وأثرها في إطالة أعمار مستهلكيها (بإذن الله) إلا بعد اكتشاف البكتريا العصوية المسئولة عن تخمر الزبادي البلغاري (اليوغورت) في بداية القرن العشرين ، ومنذ ذلك التاريخ تطور إنتاج الألبان المختمرة من المستوي المنزلي إلى صناعة تقوم علي أسس علمية وتكنولوجية متطورة .......
السنوات القليلة الماضية شهدت تقدما هائلا في نواحي المعرفة المرتبطة بالأهمية التغذوية والصحية للألبان المختمرة .
• التقدم الملحوظ في معرفة الفوائد الصحية والغذائية للألبان المختمرة واكبه تقدما سريعا في تصنيعها
• الزبادي بأنواعه المختلفة يمثل أكثر الألبان المختمرة شيوعا واستهلاكا0
• حمض اللاكتيك يجعل الألبان المختمرة وسطا لا يناسب تواجد ومعيشة الميكروبات المسببة للأمراض المعوية
منذ فجر التاريخ ، عرف الإنسان الألبان المختمرة ، وتوارثت الأجيال صناعتها لما عرفته من فوائدها الصحية والغذائية0
إلا أن العلم لم يتوصل لإيجاد تفسير لفائدة الألبان المختمرة وأثرها في إطالة أعمار مستهلكيها (بإذن الله) إلا بعد اكتشاف البكتريا العصوية المسئولة عن تخمر الزبادي البلغاري (اليوغورت) في بداية القرن العشرين0
وترجع أهمية الألبان المختمرة من الناحية الغذائية والصحية إلي عاملين، أولهما مكونات اللبن وما يحدث فيها من تغيرات نتيجة لنمو ونشاط البادئات (الكائنات الدقيقة النافعة) المستخدمة في إنتاجها .
والعامل الآخر هو الكائنات الدقيقة المستخدمة والتي يجب أن تظل محتفظة بحيويتها وتواجدها بأعداد كافية في المنتج حتى وصوله إلي المستهلك 0
فمن التعريف المتفق عليه حاليا بالنسبة للزبادي احتواءه علي 100 مليون خلية من بكتريا حمض اللاكتيك النافعة في كل جرام من المنتج علي الأقل0
ومن أهم التغيرات التي تحدث في تركيب اللبن نتيجة لنمو البادئات المستخدمة في تصنيع الألبان المختمرة تحويل سكر اللبن (اللاكتوز) إلي حمض اللاكتيك والذي يعطي الحموضة والقوام المرغوبين في هذه المنتجات0
وبذلك فان نسبة اللاكتوز الموجودة في الألبان المختمرة تقل عن الموجودة أصلا في اللبن المستخدم في تصنيعها ، وهو ما يجعل الألبان المختمرة مناسبة لتغذية الأفراد الحساسين لتواجد سكر اللاكتوز في اللبن0
ومن ناحية أخري فان حمض اللاكتيك المتكون يجعل الألبان المختمرة وسطا لا يناسب تواجد ومعيشة الميكروبات المسببة للأمراض المعوية وحتى التي يمكنها تحمل الحموضة فإنها لا تستمر فيها لمدة طويلة0 وبالإضافة إلي الحموضة فان البادئات المستخدمة في إنتاج الألبان المختمرة تنتج مواد لها القدرة في القضاء علي كثير من الميكروبات الضارة .
وينشأ عن نمو الكائنات الدقيقة المستخدمة في تصنيع الألبان المختمرة تكون سكريات عديدة من سكر اللبن تسهم في تحسين قوام زبادي وزيادة نعومته ومن الناحية الغذائية يعتقد أن هذه السكريات تنشط نمو البكتريا النافعة المتوطنة في القناة الهضمية للانسان0
من ناحية أخري فان الكائنات الدقيقة المستخدمة في تصنيع الألبان المختمرة تعمل علي تحلل بروتينات اللبن جزئيا مما يجعلها أكثر قابلية للهضم والاستفادة من مكوناتها وبالمثل فان صور الكالسيوم الموجودة أصلا في اللبن تتغير إلى صور أخري في الألبان المختمرة تزيد من معدل استفادة الجسم منها0
الألبان المتخمرة والفئات الحساسة !
أظهرت الدراسات المختلفة الآثار الصحية المتعددة للألبان المختمرة التي يمكن أن نلخصها فيما يلي:
- تحسين المقاومة الطبيعية للجسم بصفة عامة ، وخاصة في الفئات الحساسة ككبار السن ، وهو ما يكسب الجسم مقاومة لكثير من الأمراض المرتبطة بنقص المناعة0
- خفض مستوي الكولسترول في الدم، وهو ما يؤدي بدوره إلى الحد من مخاطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية0
علي أن هذا التأثير يرتبط كثيرا بنوع الكائنات الدقيقة المستخدمة في تصنيع الألبان المختمرة0 فالأثر النافع للألبان المختمرة علي مستوي كولسترول الدم يعزي إلى قدرة الكائنات الدقيقة المستخدمة علي استهلاكها للكولسترول وفي الحد من امتصاصه من الأمعاء وهي ما تختلف من بادئ لآخر
- تحسين التوازن الميكروبي في الأمعاء بزيادة أعداد الكائنات المفيدة علي حساب الكائنات الضارة 0
- الحد من مخاطر الإصابة بالأورام السرطانية والذي يعزي أساسا إلى ما تحويه الألبان المختمرة من كائنات دقيقة سواء كانت حية أو ميتة حيث أن نمو ونشاط البادئ يمنع حدوث التعفنات في الأمعاء وفي منع تكون المواد المطفرة (المسببة للسرطانات) وفي إزالة سمية المواد الضارة التي تتكون في الأمعاء0 ومن ناحية أخرى فان نواتج تحلل الكائنات الدقيقة تعمل علي تنشيط وتقوية الجهاز المناعي للجسم0 وهذه التأثيرات مجتمعة تحد من مخاطر الإصابة بالأورام السرطانية0
وقد اعتمدت البادئات المستخدمة في إنتاج الألبان المختمرة علي الكائنات الدقيقة التي تم عزلها من الألبان المختمرة طبيعيا إلا أن السنوات الأخيرة قد شهدت استخدام بادئات مختلطة تضم بعض الكائنات الدقيقة ذات التأثيرات الصحية المؤكدة وهي ما تعرف باسم probiotics بحيث أضافت إلى التأثيرات الصحية للألبان المختمرة تأثيرات صحية جديدة فالبعض منها له القدرة علي منع الإسهال الحاد والمرتبط ببعض الإصابات الفيروسية والبعض له تأثير واضح في خفض مستوي الكولسترول في الدم وفي حث النظام المناعي للجسم 0 وقد وجد أن إعطاء الكائنات الدقيقة الصحيةprobiotics في صورة الألبان المختمرة أفضل بكثير من تناولها في المنتجات غير اللبنية أو علي صورة مركزات0