ظهور بالوب في الوقت الضائع

بعد أن أمضى سنوات طويلة في الصفوف الخلفية، تقدم أندريس بالوب حارس مرمى نادي إشبيليه الإسباني لكرة القدم أخيراً إلى الأمام ليجد نفسه في دائرة الضوء.

هذا إيجاز صغير لقصة الحارس الإسباني الذي بدا في وقت ما وكأنه مقدراً له أن يقضي مشواره الرياضي جالساً على مقاعد البدلاء قبل أن ينجح أخيراً في شق طريقه إلى الأضواء وهو فوق الثلاثين.

والمغزى من هذه القصة هو أن لاعبي كرة القدم وخاصة حراس المرمى منهم، يجب ألا يفقدوا الأمل أبداً.

فقد أصبح بالوب الآن من أبرز نجوم إسبانيا بعد هدفه المذهل في مرمى فريق شاختار دونتسيك الأوكراني الذي استضاف إشبيليه على ملعبه الخميس في مباراة العودة في الدور ثمن النهائي لبطولة كأس الاتحاد الأوروبي والتي فاز فيها إشبيليه (3-2) ليتأهل للدور ربع النهائي من البطولة.

فمع تبقي دقيقة واحدة على نهاية الوقت المحتسب بدلاً من الضائع كان إشبيليه متخلفا (1-2) في دونتسيك وبدا حامل اللقب وكأنه في طريقه للخروج من البطولة الأوروبية التي فاز بها عن جدارة في الموسم الماضي على اعتبار أنه كان قد تعادل في مباراة الذهاب على أرضه (2-2).

وكان إشبيليه بحاجة ماسة لهدف مصيري يمدد المباراة لوقت إضافي. وتقدم بالوب لزيادة القوة الهجومية لفريقه في ضربة ركنية في اللحظات الأخيرة من المباراة بعد أن وجد أن فريقه ليس لديه ما يخسره.
الهدف الماسي

ووجدت الضربة الركنية التي لعبها دانييل ألافيس طريقها لرأس بالوب الذي أودعها ببراعة في مرمى شاختار دونتسيك.

وكان هذا هو أول هدف يسجله بالوب في مشواره الرياضي الطويل. وأحد الأهداف النادرة التي يسجلها حراس المرمى في البطولات الأوروبية.

وبرغم أن خافيير تشيفانتون كان من أحرز هدف الفوز لإشبيليه بعد ذلك في الوقت الإضافي إلا أن البطل الحقيقي للمباراة كان بالوب.

وقال بالوب في تصريحات الجمعة: "تقدمت للمشاركة في الضربة الركنية، لأنني لم أجد فائدة من البقاء في مرماي. لم أعتقد أن مدافعيهم سيتركونني ألعب الكرة برأسي بمنتهى السهولة".

ووصف بالوب هذا الهدف بأنه "كان من أفضل اللحظات التي عشتها في مشواري الرياضي".
الفرص الضائعة

ونجح بالوب (32 عاماً) أخيراً في الخروج من الظلال إلى بؤرة الضوء بعدما أمضى سنوات طويلة بديلاً لسانتياغو كانيزاريس حارس مرمى فالنسيا.

وكان لوقفة بالوب الثابتة بين الخشبات الثلاث لمرمى إشبيليه دور كبير في الانتفاضة التي شهدها الفريق في الآونة الأخيرة حيث يحتل فريقه حالياً المركز الثاني على لائحة ترتيب دوري الدرجة الأولى الإسباني بفارق الأهداف عن المتصدر برشلونة.

بينما يحتل فالنسيا الذي تركه بالوب في 2005 المركز الثالث بفارق ثلاث نقاط عن إشبيليه.

والأكثر من ذلك أن عدد الأهداف التي دخلت مرمى كانيزاريس في هذا الموسم في جميع البطولات التي يشارك فيها فالنسيا أكثر من تلك الأهداف التي دخلت مرمى بالوب مع إشبيليه.
فالنسيا حلم لم يدم

ولد بالوب في فالنسيا في العام 1973 وانضم لفريق المدينة الذي كان يحلم به حيث تدرج بفرق الشباب به حتى وصل للفريق الأول، لكن سرعان ما أعير لنادي فياريال جار فالنسيا في العام 1997 فساعده على التأهل لدوري الدرجة الأولى الإسباني للمرة الأولى في تاريخه في العام التالي.

وعاد بالوب إلى فالنسيا آملاً وهو في الـ25 من عمره في أن يصبح الحارس الأول في الفريق. ولكنه وجد أن فريق مدينته ضم كانيزاريس من ريال مدريد ليكون حارسه الأساسي.

وفي هدوء شديد اتخذ بالوب مكانه على مقاعد البدلاء وانتظر فرصته.

ولكن كانيزاريس لم يلبث أن أصبح محبوباً ونجماً مفضلاً لجماهير فالنسيا. بينما أصبح بالوب وجهاً مألوفاً على مقاعد البدلاء.

وأخيراً قرر بالوب أن يترك نادي مدينته فالنسيا في 2005 وهو في الثانية والثلاثين من عمره عندما اشترى النادي حارس المرمى الفرنسي الصاعد لودوفيك بوتيل ليكون البديل الأول لكانيزاريس.

ويتذكر بالوب هذا الأمر قائلاً: "كان من الصعب علي أن أترك فالنسيا، ولكن لم يكن ممكناً بالنسبة لي أن أقبل أن أكون الحارس الثالث في الفريق".

إن مشوار بالوب الرياضي يبدو منتهياً حتى من قبل أن يبدأ، الكثيرون توقعوا له أن يظل لاعباً احتياطياً في إشبيليه أيضاً.

ولكنه سرعان ما ثبت أقدامه كحارس أساسي للفريق وكان عاملاً مؤثراً في فوز إشبيليه بلقب بطولة كأس الاتحاد الأوروبي في الموسم الماضي.

ويقول بالوب: "ربما كان علي أن أترك فالنسيا قبل ذلك بكثير، ولكنه كان من الصعب علي أن أترك ناديي ومدينتي وعائلتي، أما الآن فكل ما أريده هو أن أستمتع بالسنوات التي أمضيها مع إشبيليه".